ناقوس الخطر ………قبل فوات الأوان

غرفة الصيد البحري المتوسطية – طنجة

لم أنته بعد من صياغة بعض الأفكار والأسئلة حول الحوار وضرورته لمعالجة المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصيد البحري حتى أثار انتباهي مقال نشر أول أمس الثلاثاء بجريدة المساء حول قرار مشترك لوزير الفلاحة والصيد البحري السيد عزيز أخنوش ووزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد إعفاء فلاحي منطقة لوكوس من متأخرات الديون المرتبطة بأداء كلفة السقي بقيمة 11 مليار سنتيم.

والحقيقة أن الذي أثارني ليس هو مدى استحقاق هؤلاء الفلاحين لهذا الإعفاء، أو مدى قانونية صدور قرار مشترك بين وزيرين في هذه النازلة أو حاجة ذلك إلى مرسوم حكومي، فهذا في الواقع ليس هو نقطة الاستفهام الذي أثارت انتباهي، فسواء تم اتخاذ هذا القرار العاجل في هذا الوقت تلبية لضغوط بعض البرلمانيين أو استجابة لمصالح أشخاص بعينهم، فوجه الاستفهام ليس من هذه الجهة تماما.

وإنما وجه السؤال والاستفهام في سرعة الاستجابة وسرعة المبادرة ووجود الإرادة المشتركة في تسوية المشكل مع فلاحي هذه المنطقة مع أن كلفته المالية تقل أو تعادل أو ربما تزيد قليلا أو كثيرا عن قيمة الضريبة على القيمة المضافة المستخلصة من معدات وشباك الصيد البحري التي يطالب منوي الصيد البحري بإلغائها.

المثير حقا في الموضوع أن غرف الصيد البحري الأربعة مدعومة بمهنيي الصيد البحري بجميع تشكيلاتهم وبدون استثناء راسلوا وزير الصيد البحري ثم وزير الاقتصاد والمالية في الثامن من شهر يوليوز الماضي في هذا الموضوع، وأعادوا الكرة مرتين، وبعثوا بالعديد من الرسائل، وحذروا الوزارة المعنية والحكومة من تداعيات الصمت والتجاهل، وإمكانية أن يؤدي ذلك إلى شل القطاع وإضعاف الهيئات الوسيطة التي يلتجأ إليها في مثل هذه الحالات للتهدئة وفك الاحتقان، لكن مع ذلك، لم يتلق هؤلاء جميعهم ولو إشارة واحدة من الوزارة الوصية، وكأن الأمر لا يعنيها بالمطلق.

رجعت إلى نفسي لأطرح السؤال بصوت مسموع: ما الفرق بين حالة فلاحي منطقة لوكوس وبين الحالة المزرية التي وصل إليها قطاع الصيد البحري لاسيما منه التقليدي والساحلي وبالأخص في منطقة الشمال؟

إذا كان هؤلاء قد توجهوا إلى برلمانيي الأمة فقد فعل قطاع الصيد البحري نفس الشيء محترما في ذلك التراتبية المنطقية بدءا بفرق الأغلبية قبل أن يتوجه إلى فرق المعارضة مؤملا أن يجد الحل بالحوار مع الحكومة قبل أن يتحول الأمر إلى جدل سياسي، وإذا كان هؤلاء بعثوا برسائل طلب حوار في الموضوع، فقد قام قطاع الصيد البحري بنفس الشيء بطريقة تجمع بين اللباقة واللياقة وتقديم المعطيات الصحيحة عن تضرر القطاع، وإذا كان الأمر يتعلق بمنطقة لوكوس لوحدها حسب نص الخبر، فإن الأمر بالنسبة إلى قطاع الصيد البحري يتعلق بكل المناطق، بل يتعلق بأزمة حقيقية تضرب القطاع برمته بشهادة أرقام ومؤشرات المكتب الوطني للصيد البحري في الأربعة أشهر الأخيرة.

الفرق الوحيد في الحالتين هو أن فلاحي منطقة لوكوس هددوا بعدم أداء ما بذمتهم من واجبات السقي وقاموا باحتجاجات في المنطقة، ولا ندري بالتحديد هل تمت الاستجابة لأفراد بأعيانهم أم تمت الاستجابة لضغوط واحتجاجات أم خوفا من أن تخسر خزينة الدولة مبالغ مالية مهمة إذا نفذ هؤلاء الفلاحون تهديداتهم بعدم أداء مستحقات ماء السقي؟

لا يهمنا الجواب عن هذه الأسئلة بقدر ما تهمنا المقارنة، فالرسالة التي يمكن أن نقرأها من تجاهل وزارة الصيد البحري في حق قطاع الصيد البحري وسرعة الاستجابة بالنسبة لمنطقة لوكوس، هو أن كلا من وزارة الاقتصاد والمالية تريد أن تقول لمهنيي قطاع الصيد البحري أنكم قمتم أشياء كثيرة لكي نستمع لمطالبكم، لكنكم لم تستنفذوا كل أشكال النضال، فقد بقي لكم شيئان اسوة بإخوانكم فلاحي منطقة لوكوس، إنكم لم تملأوا الدنيا احتجاجا، ولم تحولا أجواء الهدوء والسلم الاجتماعي في المراسي والموانئ إلى توتر وفوضى واحتقان، ولم يقدم قطاع الصيد البحري على مبادرات تضر خزينة الدولة كأن يتمرد المهنيون ويهددوا بعدم أداء مستحقات للدولة تماما كما فعل فلاحو منطقة لوكوس !

على العموم، هذه مجرد ملاحظات وتأملات عابرة أملتها المقارنة بين نازلة ونازلة، وإلا فلم نكن في حاجة أصلا لعقد هذه المقارنات لو تم التعامل بلياقة مع غرف الصيد البحري كمؤسسات الدستورية، وتم فتح الحوار مع هيئات المهنيين حول النقاط التي ثمة إجماع بين المهنيين على أنها باتت تمثل تحديا كبيرا القطاع.

نأمل أن تستفيد الجهات المعنية من هذه المقارنة، قبل أن تستفيد منها هيئات القطاع وتنسج على منوالها، ويترسخ سلوك خطير يضر بالعلاقة المفترضة بين المهنيين والوزارة الوصية، ويصير كل من يريد أن يطالب بالحق أو بالباطل ببعض المطالب يقفز على الحوار وعلى التراتبية الموضوعية وعلى المؤسسات والهيئات الوسيطة، ويمضي مباشرة إلى سياسة كسر العظم.

أمامنا خياران لا ثالث لهما، إما أن تستفيد الجهات المعنية من دروس هذه المقارنة، وتقدم بنفس السرعة ونفس الإرادة على الجلوس على طاولة الحوار مع مهنيي القطاع لحل المشاكل، وإما أن تستمر الجهات المعنية في نفس سياسة الصمت والتجاهل، ويلتقط المهنيون الإشارة، ويفقد الجميع المبادرة أمام لغة القوة والاحتقان.

هذا مجرد ناقوس خطر، ندقه كل حين، ونعذر فيه، ونبرئ ذمتنا، ونقدم النصح والاستشارة الواجبة في حقنا اتجاه الوزارة الوصية خدمة لوطننا .

                                                                                                                 السيد: يوسف بنجلون
                                                                                                                 رئيس غرفة الصيد البحري المتوسطية

أضف تعليق