نظمت غرفة الصيد البحري المتوسطي -مؤخرا- يوما دراسيا تم خلاله استعراض الوضعية الحالية للمصايد الساحلية في مواجهة مشاريع تهيئة الساحل، وكذا التدبير المندمج للموارد السمكية في إطار يحترم البيئة.
وقد ترأس أشغال هذا اليوم الدراسي السيد محمد أبركان رئيس الغرفة والسيد محمد العربي بوراس النائب الأول لرئيس الغرفة ومندوبا الصيد البحري والسياحة ورئيس غرفة الصناعة التقليدية، وعدد من الأساتذة والباحثين، والمهنيين في قطاع الصيد البحري.
وفي بداية أشغال اليوم الدراسي ألقى رئيس غرفة الصيد البحري المتوسطي كلمة أشار في بدايتها إلى أن هذا اليوم ينعقد في خضم تطورات ومناخ جديدين، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، في المحافظة على الوسط البحري كدعامة لاستمرارية أنشطة الصيد، نظرا للدور الأساسي الذي تلعبه هذه الأنشطة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي® غير أن هذا القطاع وخاصة بالمنطقة الشمالية يعاني من مشكل تراجع ثرواته السمكية في المخزون السمكي، وتراجع الاستغلال المفرط للموارد السمكية من طرف الأسطول الأجنبي، وارتفاع نسبة التلوث بالوسط البحري وخصوصا بالبحر الأبيض المتوسط، والاستغلال المفرط للرمال المستخرجة من قعر البحر، وخاصة في أماكن توالد العدد الكبير من أنواع الأسماك® وأمام هذه الوضعية لم يبق المهنيون مكتوفي الأيدي بل قاموا بدور طلائعي تمثل في مشاركتهم الفعالة في جميع المخططات التي تم وضعها للتحكم في مجهود الصيد بالاستغلال العقلاني لهذه الثروات السمكية انطلاقا من مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد التي وقع عليها المغرب سنة 1994، وانخراطهم التام فيها رغم المشاكل التي يعانون منها، كالاقتطاعات المفرطة التي تطبق على مبيعات المنتوجات السمكية وارتفاع كلفة الكازوال ومواد الصيد، الشيء الذي أدى إلى الانخفاض الملحوظ في مردودية بواخر الصيد®
فمدونة السلوك تنص على ضرورة إدماج أنشطة الصيد والأخذ بعين الاعتبار هذه الأنشطة في كل المخططات والبرامج الهادفة إلى تهيئة وتنمية السواحل نظرا للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأنشطة®
رئيس غرفة الصيد البحري المتوسطي لم يخف ما عاناه وما يعانيه قطاع الصيد منذ مدة من تهميش، إذ تم إبعاده من مختلف المخططات التي تهدف إلى تنمية السواحل، مشيرا إلى أن البرامج التي تم تخطيطها، سواء الخاصة بالصيد العقلاني أو عصرنة الأسطول وبرامج تطوير الأنشطة الساحلية الأخرى لا يمكن ضمان نجاحها دون مراعاة حماية البيئة البحرية، محملا مسؤولية المحافظة عليها لجميع الدول وخاصة المتوسطية® منوها بالمجهودات التي تقوم بها الإدارات المعنية والباحثين في البيئة والمنظمات الغير حكومية من أجل تصحيح الوضعية الحالية للبيئة البحرية بوضع برامج وطنية ودولية كمشروع المحافظة على البيئة بساحل البحر الأبيض المتوسط، ويشمل الشريط الساحلي ما بين وجدة والناظور، ومشروع تقييم أخطار تلوث السواحل بالشاوية وتطوان بتعاون مع الاتحاد الأوربي، ومشروع يهم شبكة مراقبة جودة مياه الساحل التي ينجزها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري وغيرها®
وأكد رئيس غرفة الصيد البحري المتوسطي في الأخير على ضرورة اتخاذ جميع التدابير للحفاظ على المجال البحري، بتفعيل جميع المقتضيات التشريعية الخاصة بالأنظمة البيئية البحرية، ودعم البحث العلمي، ووضع شبكة لتطهير المدن الساحلية التي لا تتوفر عليها، وخلق محطات لتصفية المياه العادمة وتحسين تدبير النفايات الصلبة®
وبعد استراحة قصيرة انطلق اليوم الدراسي بكلمة النائب الأول لرئيس غرفة الصيد البحري المتوسطي، حيث قدم جردا لمؤهلات المنطقة الشمالية للمملكة التي تطل على واجهتين بحريتين، المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، على امتداد 600 كيلومتر من السواحل وثمانية موانئ و 45 مركزا للصيد تعمل بها أكثر من 4 آلاف وحدة صيد بإنتاج يصل إلى 75 ألف طن من الأسماك بمختلف أنواعها، دون احتساب الأسماك التي يتم صيدها بواسطة قوارب الصيد التقليدي®
النائب الأول لرئيس غرفة الصيد البحري المتوسطية لم يخف بدوره الإكراهات والمشاكل التي تواجه قطاع الصيد وكذا المخزون السمكي بهذه المنطقة، ولخصها في نقص الموارد السمكية، وتراجع جودة الوسط البحري تحت تأثير النمو الحضري، ومختلف مصادر التلوث، وارتفاع تكاليف الإنتاج والمحروقات، وإبعاد تحويل مناطق الصيد لصالح أنشطة أخرى®
وفي معرض حديثه عن البرامج الجديدة على المستوى التشريعي والاستراتيجي المتعلق بالبيئة وتهيئة السواحل استعرض السيد محمد العربي بوراس رؤية الغرفة حول إدماج الصيد وتربية الأحياء المائية، كالوعي بأهمية الثروات السمكية والمحافظة عليها، واعتماد مقاربة تشاركية لقطاع الصيد في الإدارة المندمجة للمناطق الساحلية لأن التدبير المندمج للمناطق الشمالية أضحى ضرورة لتصبح هذه المناطق مهيأة ومطورة بشكل مسؤول ومستدام، ذلك أن المناطق الساحلية تشكل موضوعا لاستعمالات متعددة ومتنافسة، مما يعرض الصيادين للتهميش أو لعناية غير كافية، بالإضافة إلى رؤية الغرفة فيما يخص تنويع أنشطة الصيد البحري، كتطوير ما يعرف بالسياحة الزرقاء بتنظيم الجولات البحرية على متن بواخر الصيد® والخروج للصيد رفقة مهنيين كمرشدين، زيارة البواخر والمزارب، مع الأخذ بعين الاعتبار أنشطة الصيد كعنصر متغير في البرامج الهادفة إلى تهيئة السواحل بشكل يسمح بتحول العاملين في القطاع إلى أنشطة أخرى ترتبط بالسياحة الترفيهية، مشيرا إلى أن إحداث قرى للصيادين ونقط الإفراغ تشكل خطوة أولى في إدماج الصيد التقليدي في تهيئة المناطق الساحلية، مطالبا بضرورة تقوية مثل هذه البرامج بتنويع أنشطة الصيد بهذه المواقع، مع إيلاء الأهمية لتشجيع وتطوير تربية الأحياء المائية التي تعتبر من بين البدائل المنتظرة في مجال الأمن الغذائي®
بعدها انطلق اليوم الدراسي بتقديم عدة عروض حول Œتهيئة الساحل الشمالي وتأثيره على قطاع الصيد البحري، مقاربة تعدد الاختصاصات˜ للأستاذ بوشتة المومني أستاذ بكلية العلوم والتقنيات بطنجة، ومساهمة Œبرنامج تحدي الألفية في قطاع الصيد البحري التقليدي˜ للسيدة نزهة صلاح الدين المديرة الجهوية للمكتب الوطني للصيد البحري، Œوالتدبير المندمج للمناطق الساحلية في خدمة التطور المستدام لقطاع الصيد البحري˜ للأستاذ ادريس نشيط أستاذ بكلية العلوم بتطوان، وŒتأثير التغيرات المناخية على ساحل خليج طنجة واستراتيجية التوافق˜ للأستاذة حرية السنوسي أستاذة بكلية العلوم بالرباط، وŒالقطاع السياحي بولاية طنجةتطوان˜ للسيد رشيد اهدام مندوب وزارة السياحة بطنجة، وŒتنمية قطاع استزراع البحر بالمغرب˜ للسيد خالد العلوسي من مديرية الصيد البحري، وŒتهيئة المصايد بالمنطقة المتوسطية، أي مستقبل للصيد؟˜ للسيد هشام اغريشات من مديرية الصيد البحري، وŒمصايد الكنبري، والميرلا º تشخيص حالة الاستغلال˜ للسيد سعيد بن شوشة والسيد نور الدين عبيد وهما من المعهد الوطني للبحث والصيد ، Œمصايد التون الأحمر، ومصايد سمك أبو سيف˜ لنصر الدين الزين من كلية العلوم بمكناس، وعبد اللطيف الخطابي من المدرسة الوطنية لمهندسي الغابات بسلا®