غرفة الصيد البحري المتوسطية – طنجة
تميزت الأيام الأخيرة من نهاية هذه السنة بحدثين بارزين، الأول إيجابي تمثل في الدورة العادية الرابعة للجمعية العامة للغرفة، وتميز بمستوى عال من المسؤولية والنقاش الجدي حول جملة من القضايا التي تم التوافق بشأنها والخروج من الدورة بالمصادقة بالإجماع على محضر الدورة السابقة وعلى مدارسة مشاريع القوانين التي تخص النظام الأساسي لغرف الصيد البحري، وكذا ما يخص تعيين عدد البحارة من الجنسية المغربية الواجب استخدامهم على متن السفن المجهزة التي تحمل العلم المغربي، هذا بالإضافة إلى مشروع المرسوم المتعلق بتكفل المكتب الوطني للصيد البحري بتسيير أسواق الأسماك الكائنة داخل حدود موانئ المملكة ومدارسة الاتفاقية الشراكة بين الغرفة والمجلس الإقليمي للحسيمة، كما صادقت الدورة بالإجماع على برنامج عمل الغرفة وميزانيتها لسنة 2014.
كما كانت الدورة مناسبة أساسية للتداول في قضية ما يعرف بجهاز الرصد والتتبع (VMS) والاتفاق على ضرورة التنسيق مع باقي غرف الصيد البحري والكنفدراليات للصيد بالمملكة من أجل عقد حوار مع الأطراف المعنية لتدارس هذا المشكل والتوصل بشأنه إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف ويراعي مصلحة المهنيين في قطاع الصيد البحري.
من هذه الجهة، يمكن أن نقيم هذا الحدث بكونه جد إيجابي ويعطي صورة عن العمل الجدي والمتواصل الذي ستضطلع هذه الغرفة هذه السنة.
وتتجلى مصدر إيجابية هذا الحدث في مستوى الوعي والمسؤولية التي تحلى بها مهنيو الشمال في التعاطي مع التحديات المتعاظمة التي تمس المنطقة، إذ مع الشعور بأن حزمة القوانين – التي تسعى الوزارة الوصية إلى إقرارها – ستكون مكلفة بدرجة أولى بالنسبة إلى منطقة الشمال، بحكم أن المهنيين سيؤدون ثمنها من جيوبهم إلا أنهم اختاروا التعامل بذكاء مع اللحظة الانتقالية مؤملين في الإصلاحات المهيكلة وأثرها البين في الأربع سنوات القليلة القادمة. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فمع وعيهم بأن المتضرر الأول من اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي ستكون هي منطقة الشمال بحكم أن الأسطول التقليدي سيصطاد في مياه هذه المنطقة، إلا أنهم مرة أخرى، يستحضرون المصالح الوطنية ويرجحونها على اعتباراتهم الخاصة حتى وهم يدركون أنهم يدفعون ثمن هذه المصالح فيما مناطق أخرى تستفيد دون أدنى كلفة أو تضحية.
هذه الحيثيات جميعها إذا استحضرت في قراءة المصادقة بالإجماع لأعضاء الغرفة المتوسطية على حزمة مشاريع القوانين التي كانت معروضة في هذه الدورة، تتطلب من جانب الوزارة الوصية أن تأخذ بعين الاعتبار هذا التجاوب المكلف، وأن تبذل جهودا من أجل إحداث نوع من التوازن بين المناطق والتفكير بجدية في الوضعية المأساوية التي يعيشها القطاع في منطقة الشمال، إذ لا يمكن أن يكافأ الذي يستفيد من الفرص، ويغمط حق الذي يقدم التضحيات من أجل تحقيق الإصلاح أو رعاية المصالح الوطنية.
وإلى جانب هذا الحدث الإيجابي والمتميز، وعقبه مباشرة، رزئت الغرفة في عضوين من أعضائها في حادثة سير مروعة أحدهما منتخب، والثاني شريك، وهما السيد أحمد الزناقي ممثل الصيد التقليدي بالسعيدية، والسيد محمد لمضاري ممثل الصيد الساحلي بنفس المدينة، فيما لا تزال حالة أحمد البصري ممثل الصيـد الساحلي برأس الماء حرجة رغم بروز بعض مؤشرات التحسن في حالته الصحية.
والحقيقة أن هذا الحدث الأليم كان له أثره البليغ على نفوس كل أعضاء الغرفة الذين استحضروا كل الجهود والمواقف التي بذلها الفقيدان في مسارهما المهني وأيضا السيد أحمد البصري شفاه الله، وذلك في جميع محطات اشتغالهم في الغرفة كأعضاء منتخبين أو شركاء.
والحقيقة أن هذا الحدث الأليم بآثاره النفسية البليغة كشف جانبا من الجوانب التي كانت عاملا أساسيا في نجاح الغرفة في استصدار قراراتها بالإجماع على طول المدة السابقة، ذلك أنه كشف معاني التضامن والتماسك الذي طبع عمل جميع المهنيين من أعضاء الغرفة، والذي صار من الضروري اليوم أن نؤكد عليه ونرسخه كقيمة إنسانية موحدة للصفوف ومبددة للتوترات والاحتقانات التي في العادة ما لا تنفك عنها التجمعات والتكتلات الإنسانية.
وبهذه المناسبة، أود التأكيد بصفتي رئيسا للغرفة بأني إلى جانب جميع أعضاء الغرفة، وبالأخص مكتبها، نجدد تعازينا للفقيدين وأسرتهما، ونضع أنفسنا في خدمة أسرة أحمد البصري الذي ما فتئنا نتابع حالته الصحية لحظة لحظة، ونبذل كل الجهود في الاتصال بالمسؤولين من أجل توفير الشروط الصحية الملائمة التي تضمن سلامته وعافيته باتصال دائم ومستمر مع أسرته لا يحذونا في ذلك إلا الواجب والضمير المسؤول، كما نشد على أيدي كل الذين يساهمون من بعيد أو من قريب في التضامن مع أسر الفقيدين ومع أسرة السيد أحمد البصري راجين من الله أن يشفيه ويرده إلى أسرته سالما معافى.
السيد: يوسف بنجلون
رئيس غرفة الصيد البحري المتوسطية