جريدة الصباح الثلاثاء 27 أبريل 2016
أطلق مشروع قانون أعده عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، حول شرطة الموانئ، شرارات غضب في مختلف موانئ الصيد البحري التي تستعد لخوض سلسلة إضرابات وأشكال احتجاجية وصفت بغير المسبوقة، ردا على الاستعمال المجحف للقانون والقضاء في الإجهاز على القطاع وتهديد الاستثمار به.
وعقد مهنيو الصيد البحري والمجهزون وأصحاب البواخر ووحدات الصيد بمختلف أنواعه وفروعه، منذ الجمعة الماضي، اجتماعات عاجلة، على ضوء مشروع القانون رقم 67-14 المتعلق بشرطة الموانئ صاغه الوزير المعني دون استشارة مع المهنيين ممثلي غرف الصيد البحري، وضمنه مقتضيات «تستبطن سوء نية واضحة تجاه القطاع، للإجهاز على وحداتهم (عماراتهم) بقوة القانون وأوامر القضاء الاستعجالي المستعمل على نحو مجحف في هذا المشروع.
وفوجئ المهنيون بإحالة مشروع القانون، الخميس الماضي، من الأمانة العامة للحكومة إلى الوزراء من أجل دراسته والمصادقة عليه خلال الدورة المقبلة للمجلس الحكومي المقرر عقدها غدا (الخميس)، مؤكدين أن الوزارة الوصية لم تتصل بأي جهة تمثل مهنيي الصيد البحري من أجل إبداء الرأي والاستشارة معهم شهرين قبل عرض المشروع، تنزيلا للمقاربة التشاركية المنصوص عليها في الدستور.
وأكد مهنيون، في اتصال بـ«الصباح»، أنه إضافة إلى هذا العيب في الشكل ونية إخفاء مشروع قانون وتمريره بهذه الطريقة، تضمن مقتضيات وفصولا تعتبر إعلان حرب ضد القطاع، وتهديدا صريحا للاستثمارات البحرية ورسالة إلى المجهزين وأصحاب رؤوس الأموال بعدم المغامرة في قطاع توجد بواخره ووحداته في «حالة سراح مؤقت».
وقال المهنيون إن مشروع القانون الذي يعوض ظهير 28 أبريل 1961 المتعلق بشرطة الموانئ «حول قبطانية الميناء التابعة للوكالة الوطنية للموانئ، إلى طرف وحكم في الوقت نفسه بقوة القانون الذي يخطط له الرباح»، خصوصا في التعاطي مع ما يسمى البواخر المتوقفة عن الاستغلال التي لا تتوفر على تجهيزات، مؤكدين أن القانون الجديد حدد مدة ستة أشهر للسماح بتوقف هذه الوحدات في الموانئ، تحت طائلة تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في المشروع. ولاحظ المهنيون أن المواد من 89 إلى 96 تعتبر كارثية، إذ تسمح لقبطانيات الموانئ بإطلاق يدها كما تشاء في الوحدات غير المستغلة، علما أن القانون نفسه يعطيها الحق في إبعاد وجر هذا النوع من البواخر، على نفقة أصحابها، إلى موانئ أخرى، في حال تأثيرها على أمن الميناء وسلامته وبيئته، وهو إجراء معمول به منذ سنوات.
وأكد المهنيون أن الوزارة مرت إلى السرعة القصوى في التعامل مع هذه الوحدات غير المستغلة لأسباب مختلفة، حين سمحت لقبطانياتها بإعداد ملفات قضائية وتسليمها إلى القضاء الاستعجالي (رغم أنه ليس قضاء لدعوى الموضوع)، من أجل البت فيها وإصدار أمر استعجالي ببيعها في مزاد علني بعد إجراء خبرة لتقدير ثمنها.
واعتبر المهنيون هذا النوع من الإجراءات انتهاكا لحرية الملكية المضمونة بقوة الدستور، واستعمالا في غير محله للقضاء الاستعجالي المفروض عليه (الفصل 95) أن يأمر ببيع الباخرة المتخلى عنها، مستندا فقط إلى الإثباتات المقدمة له من قبل طرف واحد في النزاع (القبطانية)، في غياب الطرف الثاني. واعتبر المهنيون أن هذه الإجراءات، حتى إن حسنت النية وراءها، فإنها لن تحل مشكل رسو الوحدات المتخلى عنها، مادام الأمر الاستعجالي لا يعطي الحق بتحريك الوحدة، إلا بعد استكمال الإجراءات الإدارية الخاصة بالبيع وإنجاز وثائق المحافظة البحرية وتراخيص وزارة الصيد البحري في أجل لا يقل عن ثـــــلاثة أشهر.
يوسف الساكت