دور غرفة الصيد البحري المتوسطية في دعم وتمكين التعاونيات النسوية بقطاع الصيد البحري

يُعتبر قطاع الصيد البحري أحد الركائز الاقتصادية والاجتماعية المهمة في المغرب، حيث يلعب دورًا أساسيًا في توفير فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة، خصوصًا في المناطق الساحلية. ومع ذلك، ظلّت مشاركة التعاونيات النسائية في هذا القطاع بالواجهة المتوسطية جد محدودة لفترات طويلة، بسبب تحديات عدة، من بينها نقص التكوين، وضعف الإمكانيات التقنية، وصعوبة اندماج المرأة في مجال الصيد البحري.

وفي هذا السياق، أخذت غرفة الصيد البحري المتوسطية على عاتقها مسؤولية دعم وتعزيز دور المرأة في هذا المجال، من خلال إطلاق مبادرات متعددة تهدف إلى تأسيس وتمكين التعاونيات النسوية العاملة في قطاع الصيد البحري، وتعزيز استقلاليتهن الاقتصادية. فقد عملت الغرفة، منذ عام 2020، على تطوير برامج تكوينية وتأهيلية تستهدف النساء المنخرطات في التعاونيات، إلى جانب تقديم دعم تقني ولوجستيكي، بهدف تحسين جودة الإنتاج واستدامة أنشطتهن، ومواكبة التعاونيات لضمان استمراريتها وتطورها، وتعزيز إدماج النساء في سوق الشغل وزيادة فرصهن الاقتصادية.

ويهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على مختلف المبادرات التي أطلقتها غرفة الصيد البحري المتوسطية، واستعراض الإنجازات التي تحققت في مجال دعم التعاونيات النسوية، بالإضافة إلى استشراف آفاق المستقبل، لضمان تمكين اقتصادي مستدام للمرأة في قطاع الصيد البحري، وتعزيز دورها في الاقتصاد الأزرق والتنمية المحلية. وفيما يلي أبرز هذه الأنشطة والمبادرات:

في هذا السياق، قامت غرفة الصيد البحري المتوسطية بمبادرة دعم تعاونية الموجة الزرقاء لنساء بليونيش وهي كأول تعاونية نسوية في المنطقة المتوسطية، حيث أشرف وفد من الغرفة، بتوجيه من الرئيس آنذاك السيد يوسف بنجلون، يوم الأربعاء 16 دجنبر 2020، على توزيع مساعدات ومستلزمات بحرية لصالح منخرطات التعاونية، بهدف تعزيز نشاطهن المهني وضمان استمرارية عملهن في المجال.حيث شمل الدعم الذي قدمته الغرفة:

  • صدريات للنجاة لضمان السلامة خلال عمليات الصيد.
  • شبابيك للصيد وصنانير وخيوط لدعم الوسائل التقنية للصيد التقليدي.
  • ألبسة مائية وأحذية لحماية النساء أثناء العمل في بيئة بحرية صعبة.

تُجسد هذه المبادرة التزام غرفة الصيد البحري المتوسطية بدعم المرأة في قطاع الصيد، من خلال توفير التجهيزات الضرورية وتعزيز التكوين والشراكات، مما يسهم في تمكين التعاونيات النسوية وضمان استدامة أنشطتهن الاقتصادية.

  • الشراكات والتعاون الدولي:

عقدت غرفة الصيد البحري المتوسطية سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي مؤسسة نساء إفريقيا الإسبانية بملحقة الغرفة في الناظور، بحضور أعضاء الغرفة وممثلي التعاونيات النسائية المتخصصة في الصيد البحري بالإقليم وممثلي مركز التأهيل المهني البحري والمركز الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بالناظور.

وتمحورت هذه الاجتماعات حول بحث سبل التعاون والشراكة لدعم المرأة في قطاع الصيد البحري، من خلال:

  • تعزيز دور التعاونيات النسائية في الأنشطة البحرية وتطوير قدرات النساء العاملات فيها.
  • تمكين المرأة اقتصاديًا عبر تأهيلها في مجالات تتناسب مع متطلبات القطاع.
  • دعم الاستقلالية المالية للنساء عبر توفير آليات تكوين وتمويل مستدامة.
  • مواكبة التعاونيات لتجاوز التحديات المهنية والإدارية التي تواجهها.

في إطار هذه الجهود، تم تنظيم زيارات ميدانية لميناء بني أنصار، بهدف تقييم مهارات النساء في خياطة الشباك البحرية، وهو نشاط أساسي في دعم قطاع الصيد البحري.

خلال هذه الزيارات، تم الوقوف على:

  • مدى إتقان النساء لخياطة الشباك البحرية ودورهن في دعم الصيادين المحليين.
  • التحديات العملية التي تواجههن، سواء من حيث توفر المواد الأولية أو فرص التشغيل.
  • الاحتياجات التكوينية والإدارية التي يمكن أن تساهم في تعزيز إنتاجيتهن واستدامة نشاطهن.

بناءً على النقاشات والزيارات الميدانية، أسفرت الاجتماعات عن تحقيق مجموعة من الأهداف المهمة، من بينها:

  • تعزيز الشراكة بين غرفة الصيد البحري المتوسطية ومؤسسة نساء إفريقيا لتنظيم دورات تكوينية مستمرة تلبي احتياجات النساء في القطاع. وفي هذا السياق، وقع رئيسا المؤسستين، السيد يوسف بنجلون من المغرب والسيدة ماريا تيريزا لانكلي من إسبانيا، اتفاقية إطار ساهمت في تحقيق إنجازات مهمة لصالح المرأة الريفية، خصوصًا في مجالي الصيد البحري وتربية الأحياء المائية.
  • إطلاق برامج دعم وتمويل مخصصة لمساعدة التعاونيات في تطوير مشاريع صغيرة ومتوسطة، بهدف تحسين دخل النساء المنخرطات وتعزيز استدامة أنشطتهن الاقتصادية.
  • التنسيق مع المؤسسات المختصة لخلق فرص تشغيل أوسع للنساء في قطاع الصيد البحري، سواء من خلال دعم المشاريع التعاونية أو مساندة المقاولات النسائية الناشئة، بما يسهم في إدماجهن بفعالية في السوق المهنية.

تعدّ هذه المبادرات خطوة نوعية نحو تعزيز مشاركة المرأة في قطاع الصيد البحري، حيث تسعى غرفة الصيد البحري المتوسطية إلى تحقيق تمكين اقتصادي حقيقي للنساء العاملات في المجال، عبر توفير بيئة عمل داعمة، وتعزيز التكوين المستمر، وفتح آفاق تنموية تضمن لهن الاستقلالية المالية والمساهمة الفعالة في التنمية المحلية والاقتصاد الأزرق.

  • الدورات التكوينية:

استجابة لبرنامج الغرفة في دعم وتكوين الفتيات المنخرطات في التعاونيات النسويةبالجهتين الشمالية والشرقية، تم تنظيم دورات تكوينية في مجالات متنوعة، بما في ذلك السلامة البحرية وخياطة الشباك وإعداد حبال الصنار للصيد بالخيط.

  • على مستوى الجهة الشمالية:

خلال سنة 2022، تم تكوين منخرطات التعاونية النسوية “كورديليا”بالمضيقفي مجال السلامة البحرية بمعهد التكنولوجيا للصيد البحري بالعرائش، بهدف تعزيز مهاراتهن وضمان سلامتهن أثناء ممارسة أنشطتهن البحرية منها السياحة البحرية والأنشطة المرتبطة بالغطس وغيرها. وفي ختام الدورة التكوينية، تم توزيع شهادات المشاركة على المستفيدات تقديرًا لاجتيازهن هذا التكوين بنجاح.

وخلال سنة 2024، أطلقت الغرفة دورة تكوينية موجهة للتعاونيات النسوية حول خياطة الشباك وإعداد حبال الصنار للصيد بالخيط (البالونكر) لفائدة منخرطات تعاونية “مقدة”بمرتيل و”الحوث الأزرق”بالفنيدق. أُقيمت هذه الدورة بمركز التكوين البحري بالتدرج في مدينة المضيق. هدفت الدورة إلى تعزيز قدرات النساء في مهن الصيد البحري، مما يسهم في إدماجهن الاجتماعي والاقتصادي في القطاع. وفي نهاية الدورة التكوينية، مُنحت المستفيدات شهادات المشاركة اعترافًا بإتمامهن لهذا التكوين بنجاح.

  • على مستوى الجهةالشرقية:

خلال سنة 2019، نُظِّم برنامج تكويني لفائدة 2000 امرأة ريفية، من بينهن طالبات جامعيات، على متن السفينة الإسبانية “إنترماريس” بميناء الناظور، وذلك من قبل مؤسسة “نساء من أجل إفريقيا” وبمشاركة فعالة من غرفة الصيد البحري المتوسطية. وقد هدف هذا البرنامج إلى تعزيز دور المرأة في قطاع الصيد البحري والتنمية المستدامة، من خلال تمكين المستفيدات اقتصاديًا وتطوير مهاراتهن في مجالات متعددة، بما في ذلك الصيد البحري، تربية الأحياء المائية، خياطة الشباك البحرية، الميكانيك، الصناعات التحويلية، وتثمين المنتجات البحرية.

امتد التكوين على مدار شهر، وتخللته ورشات عمل ودورات تدريبية متخصصة تناولت تقنيات الصيد البحري والمستدام، وإصلاح وصيانة الشباك البحرية، وتربية الأحياء المائية، إضافة إلى الإدارة والتسويق التعاوني، وغيرها من المهن المرتبطة بالقطاع

ساهمت غرفة الصيد البحري المتوسطية في إنجاح البرنامج من خلال تقديم الدعم اللوجستيكي، فضلاً عن تنسيق الجهود بين مختلف الفاعلين لضمان تحقيق الأهداف المنشودة، بما يتماشى مع البرنامج الرامي إلى دعم وتأهيل المرأة في قطاع الصيد البحري.

وفي ختام البرنامج، أقامت الغرفة حفلًا تكريميًا على شرف المستفيدات، بحضور مجموعة من المسؤولين والفاعلين في قطاع الصيد البحري، إلى جانب ممثلين عن مؤسسة “نساء من أجل إفريقيا”. تضمن الحفل فقرات متنوعة، شملت كلمات ترحيبية، وعروضًا تسلط الضوء على المكتسبات المحققة، بالإضافة إلى توزيع شهادات المشاركة والجوائز التقديرية تكريمًا للمتدربات اللواتي أبدين تميزًا في مختلف مجالات التكوين، ولكل من ساهم في إنجاح هذا البرنامج.

يعد هذا البرنامج خطوة مهمة لتعزيز مكانة المرأة الريفيةوالطالبات الجامعياتفي قطاع الصيد البحري، حيث أكد على دور التكوين والتأهيل في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية للمستفيدات.

في هذا الإطار، واصلت غرفة الصيد البحري المتوسطيةومؤسسة “نساء من أجل إفريقيا” التزامهما بدعم النساء من خلال برامج تكوينية واتخاذ عدة مبادرات لدعم التعاونيات النسوية في مجالات خياطة شباك الصيد وزراعة الطحالب البحرية على مستوى إقليم الناظور.

خياطة الشباك البحرية:

تم إطلاق برنامج تكويني في خياطة الشباك البحريةلفائدة نساء المنطقةبمركز التأهيل المهني البحري بالناظور قصد إمدادهم بأهم التقنيات في خياطة الشباك وتنمية قدراتهم في هذا المجال ومساعدتهم على الاندماج في قطاع الصيد البحري. واستهدف هذا البرنامج زوجات وأرامل وبنات الصيادين التقليديين لمحاربة الهشاشة وتوفير مداخيل إضافية للمرأة القروية البحرية، وإشراكها في تنشيط الجانب الاجتماعي بالمنطقة.

كجزء من هذا البرنامج، تم تنظيم زيارات ميدانية لميناء بني أنصار، حيث أتيحت الفرصة للمشاركات لاكتساب خبرة عملية في خياطة الشباك البحرية.وخلال الزيارة، وقف أعضاء الغرفة على المهارات التي طورتها المستفيدات من خلال الحصص النظرية المقدمة بمركز التأهيل المهني البحري بالناظور، إلى جانب التدريبات التطبيقية التي أشرف عليها مهنيون متخصصون في الميناء.

وقد أظهرت المشاركات مستوىً متقدماً في التطبيق العملي، حيث تمكنّ من تنفيذ تمارين على الشباك البحرية المنشورة على رصيف الميناء، والتي لاقت إشادة بجودتها العالية، مما يعكس نجاح البرنامج في تطوير الكفاءات المهنية للنساء العاملات في هذا المجال.

وبعد تكوين هذه الفئة من النساء في هذا المجال، قامت كل من غرفة الصيد البحري المتوسطية بطنجة ومؤسسة اسبانية ”نساء من أجل افريقيا‘‘، التي تربطها بالغرفة اتفاقية إطار موقعة من طرف رؤسائها على مساعدتهم في تأسيس تعاونيات من أجل تكتل نساء المنطقة في هيئة تنظيمية نسوية لجعلها رافعة للتنمية المحلية ومن شأنها الرفع من المستوى المعيشي للنساء البحريات بالناظور.

وذلك في إطار جهود غرفة الصيد البحري المتوسطية لمواكبة التعاونيات النسائية العاملة في القطاع البحري بإقليم الناظور. جاء هذا البرنامج استجابةً للاحتياجات والتحديات التي تمت مناقشتها خلال العديد من الاجتماعات المنعقدة بمقر ملحقة الغرفة بالناظور، بهدف تمكين النساء اقتصادياً، توفير فرص الشغل، وتحسين أوضاعهن الاجتماعية.

كما ساهمتبالإضافة الى الغرفة، كل من مندوبية الصيد البحري بالناظور، ومركز التأهيل المهني البحري، المركز الجهوي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري بمجهودات كبيرة لإنجاح هذه البادرة الاولى من نوعها على مستوى إقليم الناظور.

زراعة الطحالب البحرية:

في يوليوز 2024، شاركت نساء تعاونية المستقبل بالناظور، في دورة تكوينية نظرية وتطبيقية بإسبانيا تحت إشراف مؤسسة نساء من أجل إفريقيا. تمحورت هذه الدورة حول بيولوجيا الطحالب ومستحضرات التجميل الزرقاء، بالإضافة إلى التطبيقات الزراعية للطحالب.

تأتي هذه المبادرة، التي حظيت بدعم غرفة الصيد البحري المتوسطية، التي بموجبها أسست هذه التعاونية بعد مجهودات جبارة، وبدعم كذلك من منظمة نساء من أجل افريقيا، وشركاء آخرين.

تتويجًا للمجهودات التي بذلتها غرفة الصيد البحري المتوسطية منذ سنة 2019، والرامية إلى خلق نسيج تعاوني نسائي بالجهة الشرقية، وبالخصوص في إقليم الناظور، تم يوم 14 فبراير 2025 الانطلاقة الرسمية لمشروع زرع وتثمين منتوج الطحالب ببحيرة مارشيكا لفائدة التعاونية النسائية’’تعاونية المستقبل للطحالب‘‘.

ويعد هذا المشروع ثمرة لمسار طويل من العمل التراكمي الذي أشرفت عليه الغرفة، حيث نظمت العديد من الاجتماعات مع أعضاء التعاونية بمقر الملحقة في الناظور وخارجه، بهدف مناقشة مختلف جوانب التأسيس وآليات تفعيل هذا المشروع النموذجي، لضمان تحقيق رؤية متكاملة لتطويره.

وحرصًا على تعزيز نجاح هذا المشروع، عملت غرفة الصيد البحري المتوسطية على إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في جميع برامجها، من خلال دعم هذا النسيج التعاوني النسائي، ومواكبة وتأطير المستفيدات عبر مركز التأهيل المهني البحري بالناظور، بهدف تعزيز مهاراتهن في إدارة وتسيير المشروع بكفاءة.

وتندرج هذه الجهود ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى تمكين المرأة من لعب دور فاعل في القطاع البحري بإقليم الناظور، عبر توفير الدعم والتكوين اللازمين، وضمان مشاركتهن الفعالة في تحقيق التنمية المستدامة في هذا المجال الواعد.

  • المشاركة في المعارض البحرية:

ساهمت الغرفة في دعم مشاركة التعاونيات النسوية في معرض “أليوتيس” المتخصص في قطاع الصيد البحري، مما أتاح لهن فرصة عرض منتجاتهن والتعريف بأنشطتهن على نطاق واسع، وهو ما يعكس التزام الغرفة بمواكبة هذه التعاونيات ودعم إدماج المرأة في الاقتصاد الأزرق.

وفي الأخير، وبفضل هذه الجهود، شهد قطاع الصيد البحري في المناطق الشمالية والشرقية للمغرب تطورًا ملحوظًا في إدماج المرأة، سواء من خلال تكوين وتأهيل العاملات في السلامة البحرية وخياطة الشباك وإعداد حبال الصنار (الصيد بالخيط)، أو عبر توفير المعدات والوسائل الضرورية لمزاولة أنشطتهن، فضلًا عن إطلاق مشاريع طموحة في مجال تربية الأحياء المائية وزراعة الطحالب البحرية، والتي فتحت آفاقًا اقتصادية جديدة للنساء في هذا المجال.

وفي إطار التزامها المستمر بتمكين المرأة في قطاع الصيد البحري، تعتزم غرفة الصيد البحري المتوسطية خلال السنوات المقبلة مواصلة جهودها في دعم التعاونيات النسوية عبر برامج تكوينية متقدمة، ودعم لوجستي يمكن هذه التعاونيات من تعزيز مكانتها في السوق. كما ستعمل الغرفة على إبرام شراكات جديدة مع مختلف الفاعلين لتوفير فرص تسويق أوسع للمنتجات البحرية وتعزيز الابتكار في أساليب الإنتاج والتثمين. وحرصًا على ضمان استدامة هذا الدعم، سيتم توجيه الجهود نحو مواكبة التعاونيات الناشئة، وتطوير مشاريع ذات قيمة مضافة تسهم في تحسين ظروف اشتغال النساء العاملات في القطاع، مما يعزز دورهن في الاقتصاد الأزرق ويضمن لهن اندماجًا اقتصاديًا واجتماعيًا أكثر فاعلية.

أضف تعليق