“ICCAT” تقرّ إجراءات جديدة للتونة وأسماك القرش و”اللستاو”

في ختام اجتماعاتها السنوية في مدينة إشبيلية الذي عرف إنتخاب المغربية زكية الدريوش كأول أمرة ترأس اللجنة الدولية لحماية التونات في المحيط الأطلسي ، أعلنت اللجنة عن سلسلة قرارات اعتُبرت الأوسع نطاقًا منذ أكثر من عقدين، شملت رفع حصص الصيد للتونة الحمراء في المخزونين الشرقي والغربي، واعتماد تدابير جديدة لحماية أصناف من أسماك القرش، إلى جانب إجراءات تهدف إلى تعزيز الامتثال ومكافحة الصيد غير القانوني. وشكّل اجتماع هذا العام محطة خاصة، فهو ينعقد بعد عشرين سنة من اتخاذ تدابير محورية ساهمت في التعافي التاريخي للتونة الحمراء، مما جعل من إشبيلية مجددًا مكانًا لقرارات ذات تأثير كبير على مستقبل مصايد الأطلسي.

وقد صادقت اللجنة بعد مفاوضات مكثفة وفق بلاغ صادر عن أشغال هذه الآخيرة، على رفع الإجمالي المسموح به للصيد بالنسبة للتونة الحمراء (Thunnus thynnus)، محددة الحصة السنوية للفترة 2026 – 2028 عند 3.081,6 طن للمخزون الغربي و48.403  أطنان للمخزون الشرقي، بزيادتين ملحوظتين بلغت 13 في المئة و19.3 في المئة على التوالي. وتُعد هذه الأرقام اعترافًا بالتحسن العلمي المؤكد في حالة المخزون، لكنها في الوقت نفسه اختبار لمدى قدرة الدول الأعضاء على مواصلة التزامها بإدارة مستدامة تحافظ على هذا النجاح. وفي السياق ذاته، صادقت اللجنة على مشروع تجريبي في مياه جزر الكناري لتقييم شروط صيد وتربية التونة الحمراء والتونة الصفراء الزعانف (Thunnus albacares)، بما يمهد لتطوير نشاطات مستقبلية ذات قيمة اقتصادية مضافة.

وفي خطوة غير مسبوقة بالنسبة للِسْتاو (Katsuwonus pelamis)، اعتمدت اللجنة إجراءً يحدد حصة ثابتة للمخزون الواقع في غرب الأطلسي عند 30.844  طنًا خلال الفترة نفسها، في إطار إدارة تعتمد للمرة الأولى على إجراءات محددة سلفًا لهذا النوع من التونات المدارية. أما في ما يتعلق بالأنواع المصنّفة عالية الحساسية، فقد أقرت اللجنة سقفًا أقصى للوفيات الناتجة عن المصيد العرضي بالنسبة لسمك القرش عريض الخطم الأطلسي الجنوبي (Isurus oxyrinchus) لا يتجاوز 1000 طن، بينما شددت إجراءاتها الخاصة بحماية القرش المتشمس (Cetorhinus maximus) والقرش الأبيض الكبير (Carcharodon carcharias) من خلال حظر الاحتفاظ بهما على متن السفن أو نقلهما أو إنزالهما.

وتفاعلاً مع احتياجات الدول الجزرية في الكاريبي التي تفتقر إلى حصص خاصة، اعتمدت اللجنة ترتيبات مرحلية تقصر مصيدها من الماكيرة الزرقاء (Makaira nigricans) على 20 طنًا، ومن الماكيرة البيضاء أو ما يعرف محليًا بسمكة السيف القصيرة المنقار (Kajikia albida) على 10 أطنان خلال عامي 2025 و2026، في محاولة لتحقيق توازن بين متطلبات التنمية المحلية والحفاظ على الأنواع.

وعلى صعيد الامتثال، أقرّت اللجنة توصيات لتعزيز دور لجنتها المختصة من خلال مراجعة منهجية عملها، في وقت عملت فيه على تحسين أدوات المراقبة، وتحديث توصيات دولة الميناء لمحاصرة أنشطة الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم، إلى جانب تطوير سجل السفن المصرح لها بالعمل في منطقة الاتفاقية. كما اعتمدت قرارًا جديدًا يهدف إلى تعزيز استعداد الأطراف لتنفيذ اتفاق التنوع البيولوجي لما وراء الولاية الوطنية، في ضوء التغيرات العالمية المتسارعة في إدارة أعالي البحار.

وجاءت الدورة أيضًا مناسبة لإعادة تشكيل قيادة اللجنة، حيث انتُخبت المغربية زكية دريويش رئيسة جديدة، في خطوة لاقت ترحيبًا واسعًا تقديرًا لخبرتها الطويلة في تدبير ملفات الصيد البحري. كما جرى انتخاب رامون تشونغ من كوراساو نائبًا أول للرئيس، بينما طُلب من الرئيس المنتهية ولايته إرنستو بيناس لادو مواصلة مهامه داخل الهيئة كنائب ثانٍ، اعترافًا بالدور الذي أدّاه خلال السنوات الأربع الماضية.

وبرزت في ختام الإجتماعات نبرة تفاؤل حذرة، إذ اعتبر المشاركون أن القرارات الجديدة تمثل تقدّمًا مهمًا، لكن نجاحها يبقى رهينًا بالقدرة على التطبيق الصارم والإلتزام العلمي، بما يضمن لمصايد الأطلسي مستقبلًا مستدامًا يوازن بين متطلبات التنمية وحماية التنوع البيولوجي البحري.

أضف تعليق