لقاء مغربي اسباني لمناقشة التنوع البيولوجي وتدبير البيئة البحرية والوضع الحالي للصيد في  مضيق جبل طارق وبحر البوران ( صور وفيديو)

احتضنت غرفة الصيد البحري المتوسطية بطنجة يوم الثلاثاء 11 نونبر 2025 أشغال اللقاء الإسباني–المغربي حول التنوع البيولوجي، إدارة الوسط البحري، والصيد في مضيق جبل طارق وبحر البوران، بمشاركة واسعة من ممثلي المؤسسات الحكومية والهيئات المهنية والبحثية من البلدين.

عرف اللقاء حضور ممثلين عن كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، والمندوبية للصيد البحري بطنجة، ومعهد التكنولوجيا الصيد البحري بالعرائش، إلى جانب منظمة منتجي الصيد التقليدي بكونيل (OPP72) ومنظمة منتجي الصيادين بموتريل (OPP85) من الجانب الإسباني، وعدد من الجمعيات المهنية والخبراء.

افتتحت الجلسة بكلمة السيد مونير الدراز، رئيس غرفة الصيد البحري المتوسطية، الذي أكد على أهمية اللقاء باعتباره استمرارًا للشراكة المثمرة بين المغرب وإسبانيا في مجال تدبير واستدامة الموارد البحرية المشتركة، مبرزًا أن مضيق جبل طارق وبحر البوران يمثلان منطقتين محوريتين للتنوع البيولوجي البحري والأنشطة الصيدية.

وأشار الدراز إلى أن التحديات البيئية والمناخية المتزايدة تستدعي توحيد الجهود العلمية والتقنية بين ضفتي المتوسط، مشددًا على ضرورة وضع آليات مشتركة للرصد البيئي والتعاون في مجال البحث العلمي.

من جانبه، عبّر رئيس منظمة منتجي الصيد بـ”لونخا دي كونيل” (OPP72) عن اعتزاز المهنيين الإسبان بروح التعاون مع نظرائهم المغاربة، مؤكداً أن الحفاظ على الموارد البحرية مسؤولية مشتركة تتطلب مقاربة علمية وتدبيرًا مستدامًا للأنشطة الصيدية.

أما رئيس منظمة منتجي الصيادين بموتريل (OPP85)، فقد ركز على أهمية تعزيز الحوار الدائم بين المنظمات المهنية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يمكن أن يتحول إلى شراكات تقنية وميدانية في مجالات المراقبة والتكوين وتبادل المعطيات.

فيما أكدت ممثلة كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري على التزام المغرب الراسخ بالاستدامة البيئية وتنمية الصيد المسؤول، معتبرة أن هذا اللقاء يعكس إرادة سياسية واضحة في تعزيز التعاون الثنائي.

عرفت الجلسات العلمية للملتقى عروضًا دقيقة من باحثين مغاربة وإسبان تناولت مختلف الجوانب المرتبطة بإدارة الموارد البحرية وحماية التنوع البيولوجي في مضيق جبل طارق وبحر البوران.

قدم خورخي سانشيز كروزادو عرضًا حول برنامج محمية المحيط الحيوي البيقاري في المتوسط، مشيرًا إلى أهمية هذا الإطار في حماية النظم البيئية المشتركة. كما قدّم خورخي سايزخيمينيز من جمعية SOLDECOCOS عرضًا شاملًا حول الرؤية الإقليمية للمضيق وبحر البوران من منظور المناطق البحرية المحمية، مبرزًا الحاجة إلى توسيع التعاون العلمي عبر الحدود.

وتناول خوان خيل هيريرا من مركز المحيطات في قادس (IEO-CSIC) آليات متابعة الموارد السمكية، وأبرز سعيد بنشوشة من المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري في المنطقة. وناقش مصطفى بن عمر من المعهد ذاته آثار التلوث البحري وأدوات المراقبة الحديثة، محذرًا من المخاطر المتزايدة على الموارد السمكية.

تطرقت النقاشات خلال اللقاء إلى مجموعة من التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه قطاع الصيد البحري في المضيق وبحر البوران، من بينها تطور تقنيات الصيد وزيادة جهد الاستغلال، والتغيرات المناخية التي تمس درجات الحرارة ونسبة الملوحة، وظهور أنواع بحرية دخيلة مثل الطحالب البنية والسلطعون الأزرق، إضافة إلى اختلال السلسلة الغذائية البحرية وتغير أنماط هجرة الأصناف، وتزايد حركة الملاحة في المضيق وما تسببه من تلوث بيئي متنامٍ.

وفي ختام أشغال اليوم، خلص المشاركون إلى جملة من التوصيات العملية، أبرزها:

  • توطيد الإرادة السياسية المشتركة لضمان استدامة الموارد البحرية في المنطقة،
  • إرساء مقاربة تشاركية تشمل كافة الفاعلين من مؤسسات حكومية وباحثين ومهنيين،
  •  توحيد تدابير التهيئة وتدبير مناطق العيش البحري على مستوى الضفتين،
  • إطلاق برامج بحث علمي ورصد بيئي مشترك بين المؤسسات المغربية والإسبانية،
  •  إحداث لجان دائمة مغربية–إسبانية لمتابعة تنفيذ خطط العمل المشتركة،
  • اعتماد حكامة رشيدة وتكثيف برامج التوعية والتواصل لفائدة الصيادين والمجتمع المدني.

اختتم اللقاء بالتأكيد على أهمية تحويل التوصيات إلى خطط تنفيذية تعزز التعاون العلمي والمهني بين المغرب وإسبانيا، مع الحرص على تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة البحرية، حيث عبّر المشاركون عن أملهم في أن تشكل نسخة 2025 من هذا الملتقى منعطفًا جديدًا نحو شراكة استراتيجية مستدامة تجعل من مضيق جبل طارق وبحر البوران نموذجًا للتعاون البيئي العابر للحدود.

وفي سياق أشغال هذا اللقاء الإسباني-المغربي، تم مساء يوم الاثنين 10 نونبر 2025، تجديد اتفاقية إطار للشراكة للتعاون بين غرفة الصيد البحري المتوسطية بطنجة من الجانب المغربي، ومنظمة منتجي الصيد التقليدي “لونخا دي كونيل” (OPP72) من الجانب الإسبانيوبمشاركة منظمة منتجي الصيادين OPP85 في موتريل، التي انضمت هذا العام في إطار التعاون.

تهدف هذه الاتفاقية إلى تنفيذ سلسلة من الأعمال والمشاريع المشتركة في إطار مشروع “خطة عمل تشاركية للموارد السمكية المشتركة في مضيق جبل طارق وبحر البوران: التنوع البيولوجي، تدبير البيئة البحرية، والصيد البحري.

“ومن بين الأهداف العامة للاتفاقية كذلك تفعيل خارطة طريق مشتركة، تشمل إجراءات عملية لتعزيز التدبير التشاركي والمستدام للموارد البحرية على ضفتي المضيق.

وذلك لتنمية المناطق الساحلية المعتمدة على الصيد من بين الأهداف الأساسية للمؤسسات الموقعة. وتحسين تدبير الموارد المشتركة، وتعزيز الاستدامة البيئية والاجتماعية للصيد البحري على ضفتي المضيق.

وفي الكلمة الختامية، أكدت الجهات المنظمة للقاء من الطرف المغربي على دعمها للمجهودات المبذولة من قبل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري لتنفيذ الخطة الوطنية حول استدامة الثروة السمكية، والمحافظة على البيئة البحرية، ودعم البحث العلمي، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الطيبة والممتازة التي تجمع الضفتين في جميع المجالات، وعلى وجه الخصوص في قطاع الصيد البحري وحفظ الموارد البحرية المشتركة، والعمل على تطوير البحث العلمي بين الضفتين المغربية والإسبانية.

ومن الجانب الإسباني، أعرب المشاركون عن تنويههم بالعلاقات الإسبانية-المغربية في مختلف المجالات، وخاصة في قطاع الصيد البحري، مؤكدين على استمرار العمل المشترك للحفاظ على الثروات السمكية المشتركة والبيئة البحرية، وتطوير علاقات التعاون فيما يخص البحث العلمي، مشيرين إلى أن الحكومة الإسبانية تولي اهتماماً كبيراً لهذه الشراكات التي تجمع الهيئات المنظمة لهذا اللقاء.

أضف تعليق